توقعات في فجر التجارة الإلكترونية

د. محمود عبدالفتاح

توقعات في فجر التجارة الإلكترونية
ما زال المفهوم الحالي للتجارة الإلكترونية غامضاً بعض الشيء، على الرغم من أنه مضى على استخدام تقنيات هذه التجارة عدة سنوات، وعلى الرغم من الانتشار الهائل الذي تشهده الأعمال التجارية عبر إنترنت. وتظهر يومياً، مفاهيم موازية جديدة، مثل التسوق الإلكتروني، والأعمال الإلكترونية، ومقدمي خدمات التطبيقات، والأعمال المصرفية عبر إنترنت، وغيرها من المفاهيم. ويوجد ارتباط وثيق بين هذه المسميات، إذ تدخل جميعاً، تحت مظلة التجارة الإلكترونية، بحيث يصعب إعطاء تعريف لأحدها من دون الإشارة إلى المفاهيم الأخرى. ويتوقع الكثير من المحللين بأن يشكل كل واحد من هذه المفاهيم الجديدة، التي تنمو يوماً بعد يوم، ثورة في مستقبل التعاملات التجارية التي تتم عبر إنترنت. ويُجمع المحللون على أن التقنيات التالية سترسم بعض التوجهات الرئيسية للتجارة الإلكترونية، في المستقبل القريب:
(ا) الاتجار بالمعلومات
لم تعد عملية نشر المعلومات محصورة في عدد من الجهات الإعلامية، بل أدت إنترنت إلى تحول جميع مستخدميها إلى ناشرين للمعلومات، حيث يمكن لأي مستخدم أن ينشر المعلومات عبر إنترنت بطرق عديدة، تبدأ من مجرد وضع المعلومات في إحدى ساحات الحوار، إلى إنشاء جريدة إلكترونية متكاملة. وتتضمن إنترنت حالياً، حوالي 800 مليون وثيقة (أو صفحة ويب نصية). وإذا أردت تصفح كل هذه الوثائق، بحيث لا تقضي أكثر من دقيقة من الزمن في قراءة كل منها، لاحتجت إلى ما يزيد على 1540 سنة، من القراءة المستمرة! وشكل هذا الكم الهائل من المعلومات، ثروة يمكن الاستفادة منها تجارياً. فقد تحولت المعلومات، في عصرنا، إلى سلعة متداولة، تكون مجانية أحياناً، وتباع وتشترى أحياناً أخرى، حيث يتجه الكثير من مقدمي المحتويات والمعلومات إلى بيع، أو تسويق، هذه المعلومات، عبر إنترنت، وهو نوع من أنواع التجارة الإلكترونية المستقبلية، التي بدأت تنتشر بكثرة ويعتبر هذا التوجه أمراً منطقياً، حيث اعتمدت جميع الأساليب التي اتبعها مقدمو المحتويات، خلال القرن الماضي، بمختلف مجالات عملهم، على تقديم المعلومات، للقارئ، أو المستمع، أو المشاهد، مقابل مقدار من المال، يحصل عليه المقدمون منه، أو من طرف ثالث، كالمعلن، كما هو الحال اليوم في كل من الراديو، والتلفزيون، والمطبوعات، من جرائد ومجلات. وكان المورد المالي الوحيد لمقدمي المحتويات في ويب، خلال السنوات الماضية، محصوراً في الطرف المعلن، ويبدو أنه آن الأوان للاعتماد على مستخدمي إنترنت، كمورد مالي إضافي.
(ب) ثورة مقدمي خدمات التطبيقات
انتشر في الأشهر القليلة الماضية، توجه ثوري جديد في مجال التجارة الإلكترونية عبر إنترنت، حيث باشرت العديد من شركات البرمجيات في طرح برامجها للإيجار عبر إنترنت، عوضاً عن بيعها للمستخدم.
وتشكل هذه الخدمة الجديدة، نوعاً جديداً من أنواع التجارة الإلكترونية، يقدم فيها البائع، وهو ممثَّل هنا بمقدم خدمة التطبيقات، برنامجاً عبر إنترنت، يتم استخدامه عن طريق المتصفح، مقابل أجرة مالية محددة. ويمكن أن يكون الطرف المؤجر، شركة البرمجيات المنتجة للبرامج ذاتها، أو طرفاً ثالثاً يقدم هذه التطبيقات باتفاق مع شركة البرمجيات.
ويلقى هذا التوجه ترحيباً من المستخدمين في كثير من دول العالم، وخاصة تلك التي تكون فيها خدمة إنترنت مجانية، أو ذات أجور استخدام منخفضة. لكنه لم يلقَ بعد، أصداءً إيجابية في بقية الدول. وتعتبر فكرة تأجير التطبيقات عمليةً ومنطقيةً جداً، فمن منا لا يرغب في أن يستخدم جميع تطبيقات طقم أوفيس الذي تقدمه شركة مايكروسوفت، مقابل عدة دولارات في السنة، عوضاً عن شراء الطقم كاملاً، وترقيته إلى إصدارة أحدث كل سنتين؟ وقد بدأ عدد كبير من الشركات في وضع المخططات لتأجير بعض التطبيقات عبر ويب، كشركة مايكروسوفت، وكورل، بالإضافة إلى عدد من الشركات الأخرى، التي باشرت في تقديم تطبيقاتها فعلياً، عبر ويب، مثل شركة، التي تؤجر العديد من برامجها الشهيرة في عالم مكافحة الفيروسات، وصيانة الحواسيب الشخصية عبر متصفح ويب مباشرة، في الخدمة المسماة “عيادة مكافي“، في الموقع مقابل عدة دولارات سنوياً. ولاحظت شركة أوراكل، وغيرها من الشركات المصممة لتطبيقات ويب، أهمية هذا التوجه، فبدأت بطرح عدد من الحلول في مجال تقديم خدمات التطبيقات، يمكن أن تتبناها الشركات التي تنوي دخول هذا المجال الجديد من مجالات التجارة الإلكترونية. وأعلن منذ عدة أشهر، عن تشكيل اتحاد صناعة مقدمي خدمة التطبيقات، الذي يضم أكثر من 200 شركة تعمل في مجال تقنية المعلومات، ويهدف إلى وضع قواعد هذا التوجه الجديد.
(ج) البوابات مستقبل إنترنت
يرى الكثير من المحللين، أن بوابات إنترنت، تشكل أرضاً خصبةً للعمل في مجال التجارة الإلكترونية، حيث أن معظم مستخدمي إنترنت يحتفظون بأحد المواقع التي تقدم بوابة إلى إنترنت، مثل Yahoo! أو، كصفحة البداية home page في متصفحاتهم، ويدخلون إلى هذه البوابة، ثم ينتقلون منها إلى مواقع إنترنت أخرى. وتستفيد مواقع بوابات إنترنت تجارياً بعدة طرق، من شعبيتها.. تحتوي الكثير من مواقع بوابات إنترنت على أقسام خاصة بالتجارة الإلكترونية، أو ما يسمى مراكز تسوق افتراضية. وهي إحدى الميزات التي يمكن أن تستفيد هذه المواقع منها، بسبب شعبيتها. فكما أن لكل شخص محلاً تجارياً، أو سوقاً، أو مركزاً تجارياً مفضلاً اعتاد على ارتياده بشكل مستمر، ويشتري منه معظم حاجاته، تشكل هذه البوابات مكاناً مفضلاً للكثير من الناس في عالم إنترنت الافتراضي. ويمكن أن تتحول هذه المواقع إلى أسواق افتراضية مفضلة للكثير من الزوار، بالإضافة إلى كونها بوابات إلى إنترنت. وتشير الإحصائيات أن 80 في المائة من المواقع التي ينتقل إليها مستخدمو بوابات إنترنت، بعد دخولهم إلى صفحة البداية، هي مواقع مدرجة في هذه البوابة، أي أن البوابة تتضمن وصلات إليها. فتستفيد مواقع بوابات إنترنت ذات الشعبية الواسعة، من هذه الحقيقة، في أخذ أجور مقابل وضع الوصلات إلى مواقع التجارة الإلكترونية الأخرى، وهي ميزة أخرى للبوابات.

(د) الأعمال المصرفية عبر إنترنت

لا تعتبر الأعمال المصرفية عبر إنترنت نوعاً من التجارة الإلكترونية بحد ذاتها، لكنها خدمة مرافقة دائماً، لهذا النوع من التجارة. وأصبح هذا النوع من الأعمال المصرفية ضرورياً للحصول على عمليات تجارةٍ إلكترونية متكاملة، حيث سمح بإجراء التعاملات المالية المختلفة عبر إنترنت. وتندرج عمليات التحقق من شرعية بطاقات الائتمان تحت الأعمال المصرفية عبر إنترنت، وهي عملية رئيسية لتأمين إجراءات التجارة الإلكترونية أدى الانتشار السريع لخدمات الأعمال المصرفية عبر إنترنت، إلى السماح لمالك الحساب المصرفي، لأول مرة في تاريخ التعاملات المصرفية، بالحصول على معلومات تتعلق بحسابه الخاص من بيته، أو مكتبه، بعدة نقرات على زر الماوس، بأمان تام، ومن دون أن يعرف الموظف المختص الجالس خلف شباك الصرافة، أي معلومات عن حساب الزبون.ومن المؤكد أن تلقى الأعمال المصرفية عبر إنترنت نشاطاً كبيراً، مع زيادة الأعمال المعتمدة على التجارة الإلكترونية، خاصة في مجال تقديم خدمات التحقق من شرعية بطاقات الائتمان، ومنح الشهادات الرقمية تعتبر المعلومات، العملة المتداولة في عالم إنترنت، حيث تقدم مواقع إنترنت بمختلف توجهاتها، المعلومات للزائر، أو الزبون، وتتلقى منه معلومات تتمثل في التغذية الراجعة، ومعلومات شخصية. وينطبق هذا الأمر على مواقع التجارة الإلكترونية، حيث تعرض الجهة التجارية معلومات عن منتجاتها، في مواقع إنترنت، وتتلقى معلومات شخصية ومالية من الزبائن، أو من الموزعين والوكلاء. ويشير ذلك إلى أهمية وجود بنية معلوماتية قوية، وقاعدة معرفة Knowledge Base ذات أساس متين، وإدارتها بشكل سليم، حتى يستمر تبادل المعلومات بسلاسة، بين الأطراف المختلفة في إنترنت، أو تبادل العملة المعمول بها في إنترنت.
في النهاية.. إذا قررت أن تتبنى توجهاً جديداً في التجارة الإلكترونية في أعمالك، فعليك أن تدرس بتمعن، جميع الأبعاد، وأن تضع، في حسبانك، احتمال حدوث أخطاء، وأن تأخذ الاحتياطات المادية المناسبة.. فجميع توجهات التجارة الإلكترونية الموجودة اليوم جديدة، ولم تخضع لتجربة حقيقية لوقت كافٍ بعد. لكن الأمر المؤكد، هو أن أي توجه نحو التجارة الإلكترونية سيؤهل أعمالك لدخول الألفية الثالثة، والمشاركة في اقتصاد إنترنت العالمي..
 (هـ) اف بي آي: الجرائم الالكترونية في تزايد :
أشار ما سمي بـ”استبيان الجرائم وأمن الكمبيوتر التي كلف بإجرائها مكتب التحقيقات الفدرالية (اف بي آي) ان مؤسسات الاعمال الأميركية تتكبد خسائر مالية متزايدة نتيجة لمخالفات وجنايات أمن المعلومات. ونشرت النتائج في بيان صحفي اصدرته مؤسسة أمن الكمبيوتر او Computer Security Institute وهي جمعية من مهنيي الأمن المعلوماتي ومقرها ولاية كاليفورنيا.
وقد اشترك في الاستطلاع أكثر من 500 مسؤول من امن معلومات او أجهزة كمبيوتر من شريحة عريضة من مؤسسات الأعمال في البلاد. وهذا الاستطلاع هو سادس استطلاع سنوي تجريه المؤسسة وافادت نسبة 85 في المئة من المستطلعة اراؤهم ان مؤسستهم تعرضت لأحد أنواع المخالفات الأمنية خلال العام الذي سبق الاستبيان وقد وافقت نسبة 35 في المئة (186 من المجيبين) على توفير بيانات عن الخسائر المالية التي تكبدتها مؤسساتهم نتيجة للمخالفات التي تتم عبر الكمبيوتر. وأفادوا عن خسائر بقيمة 378 مليون دولار تقريبا مقارنة بـ265 مليون دولار بلغ عنها 250 شخصا استطلعت آراؤهم في عام 2000. وقال البيان الصحفي للمؤسسة ان متوسط الخسارة السنوية على مدى ثلاث سنوات قبل عام 2000 كان في حدود 120 مليون دولار.وقال أحد مسؤولي مكتب التحقيقات في كاليفورنيا الذي يرأس دائرة التحقيقات في مخالفات الكمبيوتر ان نتائج استطلاع هذا العام تبين مدى خطورة وتعقيد مخالفات الكمبيوتر ذلك ان مواطن الضعف التي تواكب القيام بأعمال وصفقات تجارية على الشبكة الالكترونية لا تزال تمثل تحديا لأجهزة تنفيذ القوانين” اما بيل كارتر، وهو ناطق باسم مكتب التحقيقات فقال ان الاستبيان السنوي يتيح لهيئات تنفيذ القوانين ان تقوّم ابعاد مخالفات الكمبيوتر وأن تتخذ قرارات أفضل بشأن تخصيص موارد لهذه المشكلة.ويمكن الحصول على نص الاستبيان بالكتابة الى عنوان البريد الالكتروني لمكتب التحقيقات العنوان التالي: http://www.gocsi.com/fbi_survey.htm وفي ما يلي أبرز ملامح نتائج الاستبيان:85 في المئة من المجيبين (وغالبيتهم من المؤسسات الكبرى والهيئات الحكومية) اكتشفوا مخالفات أمنية لكمبيوتراتهم خلال الأشهر الـ12 الماضية64%اقروا بخسائر مالية نتيجة لمخالفات الكمبيوتر 35% (186 مستطلعا) اعربوا عن استعدادهم لاعطاء احصاءات عن خسائرهم المالية. فقد ابلغ هؤلاء ان خسائرهم بلغت 377 مليون دولار فيما بلغت خسائر 249 خلال عام 2000 فقط 265 مليون دولار. وكان متوسط المجموع السنوي خلال ثلاثة أعوام ما قبل  2000 هو120 مليون دولار.كما في السنوات السابقة، حصلت أخطر مخالفة من خلال سرقة معلومات ملكية (34% ابلغوا عن خسائر بقيمة 151 مليون دولار) واحتيال مالي بخسائر تقدر بـ93 دولار.
اخطرت نسبة 37% من المجيبين اجهزة تنفيذ القوانين عن هذه الخروقات والتعديات وهي زيادة ملحوظة عن عام 2000 حينما ابلغت نسبة 25% عنها. وفي عام 1996 اقرت نسبة 16% هيئات تنفيذ القانون عن هذه التعديات كما ان المستطلعة آراؤهم أبلغوا عن طائفة عريضة من المخالفات واستغلال الكمبيوتر، ومن الأمثلة عليها: 40في المئة من المجيبين اكتشفوا تعديات على انظمتهم الالكترونية من الخارج (مقارنة بنسبة 25% في عام 2000) 38% من المجيبين اكتشفوا مخالفات على شكل الحرمان من الخدمة (مقارنة بـ27% في عام 2000) 91% اكتشفوا اساءة استخدام موظفين لديهم لشبكة الانترنت مثل الاتصال بموقع لصور اباحية ولبرمجيات قرصنة وطباعة محتوياتها، او استخدام غير لائق لانظمة البريد الالكتروني.94% اكتشفوا فيروسات كمبيوتر (مقارنة بـ85% في عام 2000) للعام الثالث على التوالي، وقد طرح مكتب اف بي آي   أسئلة عن التجارة الالكترونية عبر شبكة الانترنت وكانت النتائج ما يلي:
97% من المجيبين لديهم مواقع الكترونية تبدأ بالأحرف: WWW
 46% يقومون بالتجارة الالكترونية عبر مواقعهم.
23%  تعرضوا لاتصال غير مأذون خلال الأشهر الـ12 الماضية.
27%  قالوا انهم يجهلون ما اذا تعرضوا لمثل سوء الاستخدام هذا.
21%  من الذين اقروا بالمخالفات ابلغوا عن وقوع ما بين حادثين وخمسة.
58%  أبلغوا عن حصول 10 حوادث او أكثر.
90%  ابلغوا عن عمليات تخريب (مقابل 64% في 2000).
78%  ابلغوا عن حرمانهم من الخدمة (60% في 2000)
13%  أبلغوا عن سرقة معلومات او بيانات تتعلق بمعاملات تجارية.
8%  ابلغوا عن حالات احتيال او تزوير مالي (مقابل 3% في 2000)
0/5 (0 Reviews)